يشكّل قرار وزارة الحج والعمرة في السعودية السماح لجميع حملة التأشيرات السياحية والتجارية بأداء مناسك العمرة دعما قويا لقطاعات الأعمال في مكة المكرمة، وبشكل خاص العقارات والضيافة، خاصة في ظل الأداء القوي الذي سجلته هذه القطاعات هذا العام. وقد قالت الوزارة إن القرار يأتي في إطار الجهود المبذولة لتسهيل إجراءات وصول المعتمرين لتأدية نسك العمرة، وتقديم كل الخدمات بجودة عالية، وإثراء تجربة المعتمرين الثقافية والدينية، وفقًا لمستهدفات برامج رؤية المملكة 2030.

هناك عدة أسباب وراء ثقتنا بأن هذا القرار سيوفر دعما كبيرا لقطاعات الضيافة والعقارات في مكة المكرمة، أبرزها أنه تسهيل غير مسبوق للمعتمرين نظرا لتعدد أنواع التأشيرات التي يمكن للزائرين الحصول عليها من أجل أداء العمرة، وهو ما سيشكّل حتما مستوى جديدا من الانتعاش للقطاعات المذكورة يُضاف إلى الانتعاش الذي شهدته هذا العام. فقد سجّل قطاع الضيافة والفنادق بمكة المكرمة أداء قويا خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام بزيادة في معدل الإشغال تبلغ حوالي ثلاثة أضعاف (من 21% في الأشهر الخمسة الأولى في 2021 إلى 60% في الفترة نفسها من 2022)، محققاً أعلى مستوى له منذ 2019، حسب جيه إل إل، الشركة المتخصصة في الخدمات المهنية وإدارة العقارات والاستثمارات.

وإذا كانت هذه التقارير، التي صدرت في نهاية شهر يوليو/تموز الماضي، قد أرجعت الأداء القوي لقطاع الضيافة والفنادق إلى حد كبير إلى تخفيف القيود المفروضة بسبب جائحة كوفيد-19 والتغييرات التي طرأت على قواعد إصدار التأشيرات مما أدى للزيادة الهائلة في أعداد المعتمرين الذين يزورون المملكة لأداء مناسك العمرة، خاصة خلال شهر رمضان المبارك، فإن القرار الجديد لوزارة الحج والعمرة في السعودية سيؤدي إلى نقلة إيجابية ونوعية أخرى في الأسواق العقارية في مكة المكرمة وهذا ما قصدنا به أعلاه بالمستوى الجديد من الانتعاش.

نتوقع أن توفّر هذه التسهيلات تجربة غير مسبوقة لزوار العاصمة المقدسة، خاصة أنها تسهيلات شاملة بما فيها تلك التي أعلنها رئيس هيئة شؤون الحرمين، عبد الرحمن السديس، وهي إزالة الحواجز الوقائية تزامناً مع بدء موسم العمرة، بعد ما يقارب عامين على وضعها للحماية من مخاطر انتشار فيروس كورونا.

وبناء عليه، سيساعد توفّر مقومات أساسية لدى المشاريع العقارية بتحقيق النجاح المأمول، في ظل التسهيلات والقرارات الحالية. ومن هذه المقومات الأساسية أن تأخذ المشاريع بعين الاعتبار سهولة الوصول إلى الحرم المكي، وتوفير التنقل السهل والمريح للزوار، وتوفير فرص العمل، والالتزام بتطوير البنى التحتية والمخططات العامة للمشاريع وفق الفترات الزمنية المحددة مما يعطي مصداقية كبيرة لهذه المشاريع وإقبالا عليها من قبل المستثمرين المحليين والعالميين، وهذا بدروه يدعم رؤية المملكة العربية السعودية الطموحة التي تهدف إلى استضافة 30 مليون معتمر و6 ملايين حاج بحلول 2030.

ويبقى أن نشير أيضا إلى أنه لا بد من البناء على هذا الانتعاش الذي نتوقع أنه يتجه نحو المزيد من الازدياد خلال الفترة المقبلة، عبر المحافظة عليه ليصبح انتعاشا مستداما، من خلال خطوات متواصلة من التطوير العصري والمميّز والمُبتكر للمشاريع بما يلبّي بشكل مثالي تطلعات الزوار والمستثمرين حيث يوفّر لهم تجربة تنقّل سهلة ومريحة وفريدة، أبرزها سهولة الوصول إلى الحرم المكي بكل يسر، بالإضافة إلى الإسهام الدائم بتعزيز التنمية العقارية والاقتصادية المستدامة للمدينة.

لقد تركت جائحة كوفيد-19 تداعيات على قطاع الضيافة والعقارات في كل العالم، إلا أنه بدأ السير في طريق التعافي ومن ثم الانتعاش في العاصمة المقدسة، خاصة مع القرارات الداعمة الجديدة، ويبقى على الشركات أن تجعل هذا الانتعاش مستداما بما يحقق دائما تطلعات زوار مكة المكرمة.